اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 341
قال الشافعي رضي الله عنه:
أَلاَ يا نفسُ إن ترضَيْ بِقُوتٍ ... فأنت عزيزةٌ أبداً غنيهْ
دَعِي عنكِ المطامِعَ والأمانِي ... فكمْ أُمْنِيَّةٍ جَلبَتْ مَنِيهْ
وقال آخر [1] :
أَفَادتني القناعةُ كلَّ عزٍّ ... وهَلْ عِزٍّ أعزُّ مِنْ القَنَاعَهْ
فَصَيِّرْها لنفسِكَ رأسَ مالٍ ... وصَيِّرْ بعدها التَّقْوى بِضَاعَهْ
تَنَل عِزّاً وتَغْنَى عَنْ لَئِيمٍ ... وتَرْحَلْ للجِنَان بصبر ساعة
وقال عليه الصلاة والسلام: «مِن أَصْبَحَ آمِناً فِي سِرْبِه، مُعَافى فِي بَدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها» .
تولج ليل القبض في نهار البسط، وتولج نهار البسط في ليل القبض، وترزق من تشاء فيهما من العلوم والأسرار، بغير حساب ولا مقدار، أو تولج ليل العبودية في نهار الحرية، وتولج نهار الحرية فى ليل العبودية، فمن كان في نهار الحرية تاه على الوجود، ومن كان في ليل العبودية عطل ذله ذل اليهود، والعبد لا يخلو من هذين الحالين، يتعاقبان عليه تعاقب الليل والنهار. والله تعالى أعلم.
ولما كان العز ينال بصحبة أهل العز، والذل ينال كذلك، حذر الحق تعالى من صحبة أهل الذل، فقال:
[سورة آل عمران (3) : الآيات 28 الى 30]
لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (30)
قلت: (تُقاة) : مصدر تَقَى، على وزن فَعَل، وله مصدران آخران: تُقّى وتَقِيَّة- بتشديد الياء-، وبه قرأ يعقوب، وأصله: تُقِيَة، فقلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها. و (يوم) : ظرف، والعامل فيه: اذكر، أو اتقوا، أو المصير، أو تود، و (ما عملت) : مبتدأ، و (تود) : خبر، أو معطوف على (ما عملت) الأولى، و (تود) : حال. [1] وهو بشر بن الحارث، المعروف بالحافى. وجاءت الأبيات فى تاريخ بغداد 7/ 76، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 243.
اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 341